جمال سليمان: «حدائق الشيطان» صنع جماهيريتي في مصر
حاوره في القاهرة - عكاشة عبدالشافي
اقتحم النجم السوري الكبير جمال سليمان مجال الدراما المصرية هذا العام من خلال مسلسل «حدائق الشيطان» الذي حقق من خلاله نجاحا كبيرا كما نال المسلسل المركز الاول على مستوى المسلسلات العربية التي عرضت خلال شهر رمضان في كل الاستفتاءات الفنية حول أحسن مسلسل تم عرضه.
كما حصل جمال سليمان على حب الجمهور المصري الجارف رغم انه قدم دورا شريرا لرجل طاغية يثير الذعر في قريته في الصعيد.
وقد لمع جمال سليمان على مستوى الوطن العربي من خلال بطولته لعدد من المسلسلات السورية الهامة مثل «صلاح الدين الايوبي» و«خان الحرير» و«الثريا» و«التغريبة الفلسطينية» و«خيط الدم» و«عصي الدمع» وغيرها.
وقد بدأ حياته ممثلا هاويا منذ عام 1974 وحتى 1977 ثم انطلق الى عالم الاحتراف في السينما والمسرح والتليفزيون في وقت كانت فيه الساحة الفنية السورية تزدحم بكبار نجومها مثل دريد لحام ونهاد قلعي ورشيد عساف وآخرون.
الوطن التقت النجم العربي الكبير في حوار شامل حول بدايته الفنية والصعوبات التي واجهته حتى أصبح نجما من المع نجوم الدراما في الوطن العربي.
بدأت حواري معه بسؤاله عن رد فعله تجاه النجاح الذي حققه المسلسل فقال: عملي بالدراما المصرية كان حلما من احلامي حتى يشاهدني سبعين مليون مصري فالحقيقة انني كنت اشعر بالظلم لأنني أقدم اعمالا جيدة لا يشاهدها المصريون وبالتالي لا تحظى بالجماهيرية المطلوبة وقد سعدت جدا عندما تم ترشيحي من قبل شركة الانتاج لتجسيد دور «مندور أبو الدهب» في «حدائق الشيطان» وسعدت اكثر عندما لمست ردود افعال الناس حول دوري بالمسلسل وحول أدائي به وهو الامر الذي كنت متخوفا منه في البداية وقد شرفت بمشاركة زملائي النجوم المصريين الذين ابدعوا جميعا في ادوارهم مثل سمية الخشاب وصلاح عبدالله ورياض الخولي وعبدالله فرغلي واسامة عباس ومحمود الحديني وخيرية احمد وغيرهم وانا اشكرهم جميعا على وقوفهم بجانبي فقد وجدت منهم جميعا كل الحب.
_ الشخصية الصعيدية صعبة حتى على الفنانين المصريين انفسهم فكيف كانت استعداداتك لهذا الدور؟
- اعترف ان هذا الدور ارهقني كثيرا ولم يخطر ببالي ابدا ان تكون بدايتي مع التليفزيون المصري بدور مثل ذلك وقد قمت في البداية بمشاهدة عدد من الاعمال الفنية التي تدور احداثها في الصعيد وذهبت الى قنا وسوهاج والاقصر واستمعت الى الناس ورأيت ملابسهم وحركاتهم فالمجتمع الصعيدي غني وله تركيبة خاصة وقد جمعني هوى خاص بالدور وعشق كبير لشخصية «مندور ابو الدهب» رغم اخطائه وجرائمه.. اضف الى ذلك ان الاستاذ صفاء عامر صعيدي في الاساس وافادنا كثيرا في اشياء كثيرة خاصة باللهجة وبالملابس وبالتصرفات بالاضافة الى ان المخرج الرائع اسماعيل عبدالحافظ كان حريصا على اخراج افضل ما لدينا وهو مخرج له ادواته الخاصة وقد جمعتني به علاقة رائعة.
_ وما حقيقة ما اثير حول وجود مشاكل مع نقابة الممثلين المصرية حول عملك بالمسلسل؟
- لم تكن هناك اي مشاكل وكل ما نشر بالصحف كان غير حقيقي وقد اختلطت علي الامور بعد نشره لكنني اؤكد انني وجدت كل ترحاب من د.أشرف زكي نقيب الممثلين وكذلك من كل الفنانين المصريين الذين حضروا لزيارتي اثناء التصوير وبعد نجاح العمل تلقيت اتصالات تهنئة من عدد كبير منهم ايضا وانا منذ البداية كنت قد طلبت من شركة الانتاج ان تسأل حول قانونية عملي في مصر وقالوا لي ان جميع الاجراءات تمت بما فيها اذن النقابة لأنه من واجبها حماية مصالح أعضائها والحقيقة انه منذ نشأة الفن في مصر والجنسيات المختلفة من كافة انواع الفنون تشارك فيه وانا لم اكن حالة استثنائية واريد ان اشير الى اننا اليوم نتعامل مع اسواق مفتوحة فالمسلسل المصري او السوري لا ينتج من اجل المشاهد المحلي فقط وانما من اجل المشاهد العربي ايضا وبالتالي فمن الضروري خلق مناخ من التعاون بين جميع الفنانين العرب ويضيف: لقد تمتعت اثناء عملي في مصر بكل محبة وتقدير فاقت في كثير من الاحيان ما اتمتع به في بلدي ولم اجد الا المشاعر الصادقة من الجميع.
_ وماذا عن الحملة التي شنها ضدك عدد من الفنانين في مصر وسوريا؟
- لم التفت اليها وقررت ان اتم عملي حتى ارد عليهم بطريقة عملية واعتقد ان النجاح الكبير الذي حققه العمل ونجاح دوري ايضا هو ابلغ رد على من شكك في امكانية أدائي للدور وانا رجل تعاملت مع النجم الكبير احمد زكي وتعلمت منه ان اهتم بالتفاصيل وكما كنت احب دائما ان اهتم بالتفاصيل في كل اعمالي وهذا كان يسبب لي مشاكل وخلافات مع من اعمل معهم لأنهم يعتبرون ان التفاصيل ليست مهمة.. أحمد زكي كان يعتبر ان التفاصيل هي التي تصنع الفيلم وانا من انصار هذه المدرسة ومن هنا تمسكت بدوري في «حدائق الشيطان» واعتبرته تحديا خاصا لي وتمكنت من الامساك بخيوط الشخصية كما انني عرفت اشخاصا كثيرين من الصعيد وتعلمت منهم الكثير فأنا من النوع الذي يشرب العالم في عيونه بمعنى انني على قدر ما ارى على قدر ما يخزن ذلك بداخلي وينعكس على طريقة ادائي.
_ ألم تخش المقارنة مع النجوم المصريين الذين نجحوا في تجسيد شخصية الرجل الصعيدي من قبل على الشاشة؟
- يلازمني الخوف عند قبولي لأي عمل وهذه طبيعتي واظل اسأل نفسي كيف سأقدم الدور تبدأ العملية لدي بقلق شديد هذا القلق يدفعني لفك الرموز، واجد مفاتيح الشخصية وابدأ في تخيلها ولا اخفي عليك عندما عرض عليّ الدور في «حدائق الشيطان» كنت قلقا لأبعد الحدود لعدة اسباب اولها اللهجة فلم يكن لدي سابق معرفة بها. صحيح انني مثلت بعدة لهجات كالسورية والحلبية والفلسطينية بالاضافة الى الانجليزية كما ان العمل ليس على ارضي ولا وسط جمهوري كل ذلك كان يقلقني ثم جاء الاكتشاف لا يوجد اختلاف كبير بين مصر وسوريا فالقيم هي القيم والتكوين النفسي والعاطفي والافكار التي يحملها الانسان السوري قريبة من المصري.
_ وما هي ردود الافعال تجاه غيابك عن الدراما السورية هذا العام؟
- هناك من فسر وجودي في «حدائق الشيطان» لأن اجري اقل من الفنانين المصريين لأجل هذا اسند اليّ الدور كل يفسر حسب هواه وانا اشعر بالحزن لذلك. بعض الناس لا يريدون رؤية الجانب الايجابي للشيء هناك من يحاول دائما ان يجد لكل خطوة طيبة تفسيرات سيئة وهذه هي طبيعتنا ولا يمكن تغييرها يوجد حزب اعداء النجاح وهم منتشرون بكثافة ويحاولون قتل كل تجربة طيبة.
_ هل صحيح حدثت خلافات بينك وبين الفنانة سمية الخشاب والفنان فاروق الفيشاوي الذي كان مرشحا لدور «مندور ابو الدهب»؟
- هذا الكلام غير صحيح فلم يحدث اي خلاف بيني وبين الفنانة سمية الخشاب او الفنان فاروق الفيشاوي فهما من ألطف الفنانين في مصر وتربطني بهما علاقة طيبة وما اشيع انني قبلت الدور بعد فاروق الفيشاوي واني اخذت 250 ألف جنيه فهذا كلام غير صحيح ربما اكون اخذت اقل من ذلك او اكثر من ذلك فهذا الامر يخصني وحدي.. وانا شرفت كثيرا بأن اقدم دورا كان النجم فاروق الفيشاوي مرشحا له قبلي وقد تقابلت معه واعرب لي عن سعادته بأنني اقدم هذا الدور وعموما انا اخذت الاجر الذي استحقه ويرضيني ولا يؤثر عليّ نتيجة العمل. وردا على كل ما قيل وكل ما سمعته اقول: مسألة الاجر مسألة شخصية لا احب الحديث فيها ومسألة خلافي مع نجم العمل هي مجرد إشاعات لم تطلق على سمية الخشاب فقط وانما اطلقت ايضا على رياض الخولي وصلاح عبدالله وكلها اشاعات كاذبة.
_ بدايتك في مصر كانت من خلال فيلم «حليم» امام النجم الراحل احمد زكي.. فما هي ذكرياتك عن هذا الفيلم؟
- رشحت للدور من قبل الاستاذ عماد اديب الذي التقى بي في برنامجه اكثر من مرة وعندما طرح علي الفكرة وافقت على الفكرة وكنت سعيدا بها رغم صغر حجم الدور وقلت لنفسي ليس مهما حجم الدور ما دام العمل يتناول سيرة نجم الغناء عبدالحليم حافظ وبطولة النجم احمد زكي فهذا في حد ذاته شرف لي. وقد اقتربت من احمد زكي وتعرفت عليه وكنت حزينا وانا آراه يصارع المرض القاتل ويحاول ان يهزمه لكنها ارادة الله والفيلم هو تجربتي الرابعة في السينما فقد قدمت قبله ثلاثة افلام للسينما السورية كان اولها فيلم «عائد الى حيفا» عام 1981 وفيلم «المتبقى» مع المخرج الايراني سيف الله داد وفيلم «الترحال» للمخرج السوري ريمون بطرس.
_ هل كنت محظوظا في بدايتك الفنية؟
- اعترف بأن الحظ خدمني في بدايتي الفنية فبعد تخرجي في المعهد العالي للفنون المسرحية شاركت في فيلم سينمائي كان مخرجه يبحث عن شاب يحمل ملامح عربية ليقوم بدور شاب فلسطيني تربى في عائلة يهودية واصبح جنديا في جيش اسرائيل وتم ترشيحي للدور وكانت هذه ثقة غالية ومفاجأة لي في ذات الوقت يومها قابلت المخرج واعجب بي وكانت العقبة الوحيدة في هذا العمل اجادتي للغة الانجليزية التي لم اكن اجيدها على الاطلاق فما كان مني الا الذهاب الى احد المعلمين الذي قام بترجمة الدور الذي اديته على اكمل وجه وكان نجاحي وكان اول عمل احتراف لي بعد تخرجي ثم جاء اشتراكي في مسلسل تليفزيوني رشحت له من خلال استاذي بالمعهد غسان جبر ثم عملت في المسرح القومي مسرحية اسمها «عزيزي مارات المسكين» فبدأت بزخم وفي كافة الوسائل واستمريت حتى الآن وجاء ذلك رغم وجود نجوم كبار على الساحة الفنية السورية وقتها.
_ وهل معاناتك وانت طفل هي التي دفعتك لكل هذا النجاح؟
- ما من شك فنحن كنا عشرة ابناء ووالدي كان يعمل سائقا ورغم ذلك اصر على تعليمنا جميعا وقد عملت في مهن عديدة مثل النجارة والحدادة ولصق ورق الحائط كما عملت في مغسلة وعملت كبائع متجول وعملت في مطبعة وكنت انام فيها وقرأت كثيرا من الكتب من خلال ذلك العمل وقد اختلفت مع والدي وطردني من المنزل بسبب حبي للمسرح واهمالي لدراستي وعندما قدمت لامتحانات الثانوية العامة صالحني ابي وبعد التحاقي بمعهد التمثيل نلت منحة وسافرت لدراسة الفن بانجلترا ولا شك ان كل هذه المعاناة ساعدت في تكوين شخصيتي الفنية فالفنان الحقيقي هو الذي يخرج من رحم المعاناة وعندما انظر الى الوراء واتذكر تلك الايام اتعجب مما وصلت له لكنها ارادة الله اولا ثم ارادتي على ان انجح في المجال الذي احببته منذ صغري.
_ هل يضايقك ما يقال عنك إنك فنان السلطة؟
- نحن في مرحلة تحول كبير في المنطقة عموما وفي سوريا خصوصا وقد اصبحوا يصنفون الناس وانا لا انتمي الى اي حزب وقد سبق وقلت يجب ان يعاد النظر في بعض الاحزاب وهاجمت سياسة الدولة ورغم ذلك يقولون عني فنان السلطة.. فنان السلطة هو الشخص الذي يكرس موهبته في اعمال فنية تداهن السلطة وتروج لها وتتملقها وانا لم افعل ذلك ولكن اذا كانت الدولة انشأت مستشفى جيدا ورصفت طريقا جديدا فمن حقي ان اصفق لها واحييها ولكن هذا لا يعني انني فنان السلطة.
_ ما هي حكاية رفضك للعمل مع المخرج العالمي ستيفن سبيلبرغ في فيلم اميركي؟
- لم ارفض بسبب سبيلبرغ نفسه ولكن الرفض جاء لأنني طلبت الاطلاع على السيناريو كاملا فرفض ففوجئت به يرسل الي مشاهدي فقط وهم كانوا حوالي ثلاثة مشاهد فالدور لم يكن بطولة وانا لم اعترض على عدد المشاهد وانما اعترضت على معرفة دوري فقط دون بقية تفاصيل الفيلم خاصة عندما علمت ان الفيلم يدور حول الصراع العربي - الصهيوني لكنني عرفت ان هذه هي طبيعة سبيلبرج فهو لا يرسل الى الممثل سوى دوره فقط في الفيلم المهم انه بعد حوالي ثلاثة اسابيع من المفاوضات لم نتوصل لشيء وانسحبت من الفيلم ومن الطريف انني قابلتني منتجة ايطالية كبيرة وكنت عضوا في لجنة التحكيم في مهرجان دمشق السينمائي سألتني من هو المجنون الذي رفض العمل في فيلم سبيلبرج فقلت لها: انا فقالت لي: لو كنت مديرة اعمالك لضربتك على ذلك وهي تدير اعمال عدد من النجوم العالميين مثل مونيكا بيلوتشي.
_ ما هو الفارق بين الدراما المصرية والدراما السورية بعد ان عملت للاثنتين؟
- لا توجد فروق كبيرة فالفارق هو فارق تقني فقط وبالتحديد في الاخراج حيث تستخدم في المسلسلات السورية كاميرا واحدة فقط وكل لقطة تؤخذ وحدها مثل السينما اما في مصر فيتم استخدام كاميرتين كما انه في سوريا لا توجد استوديوهات وكل التصوير خارجي وفي بعض الاعمال التاريخية نحتاج لبناء ديكور.
_ وماذا عن السينما السورية؟
- لدينا مواهب سينمائية ولكن لا يوجد لدينا سينما فسوريا تنتج فيلما او فيلمين في العام لأنه لا يوجد سوق سينمائي ولا دور عرض وتتجه النوايا لاحياء صناعة السينما في سوريا وخلال عامين سوف تقتحم سوريا مجال السينما بشكل جدي ولكن من خلال افلام الديجتال ثم يتم نقلها على كاميرات 35 ملم.
_ هل هناك تعاون آخر مع الدراما المصرية بعد حدائق الشيطان؟
- بالتأكيد فقد احببت التجربة جدا واسعى الى تكرارها وهناك اتفاق مبدئي مع مدينة الانتاج الاعلامي على مسلسل لرمضان القادم كما ان هناك اتفاقا مع عماد اديب على فيلم سينمائي جديد.
_ واخيرا.. ما هي الرسالة التي تحب توجيهها للشعب المصري؟
- احب ان اشكرهم كثيرا على حفاوتهم بي وعلى استقبالهم الرائع لي ففي كل مكان ذهبت اليه في مصر كنت اجد السعادة والترحاب في عيون كل المصريين واتمنى ان اقدم لهم المزيد من الاعمال الفنية الجيدة باذن الله