سينما وفنون
كوميديا سياسية أم مراوغة فنية «السفارة في العمارة» انتفاضة سينمائية ضد التطبيع
عكاشة أبو الدهب
30/08/2005
* تبنى الفنان عادل إمام انتفاضة سينمائية جديدة ضد التطبيع عبر أحداث أفلامه المعروض حاليا بدور العرض «السفارة في العمارة» مع باقي النجوم، داليا البحيري وميسرة وخالد زكي ولطفي لبيب والمؤلف الإعلامي يوسف معاطي، الذي كتب من قبل سيناريو فيلم «التجربة الدنماركية»، والحلقات المسلسلة «شارونيات»، والفيلم من إخراج عمرو عرفة.وتأتي أهمية الفيلم الجديد لعادل إمام، الذي يحمل الرقم 119 في مشواره السينمائي، انه ينتمي إلى الكوميديا السياسية التي تشعره دائما بالدفء والاطمئنان، من التفاف النقاد والجمهور حوله. وان كان البطل عادل إمام، كما أكد، لم يكن يتوقع أن يأتي توقيت عرض الفيلم توقيتا من ذهب، حيث تشهد هذه الفترة بعض المحاولات الإسرائيلية للتطبيع الثقافي مع مصر، خاصة بعد جلسة السفير الإسرائيلي الجديد بالقاهرة «شالوم كوهين»، مع وزير الثقافة المصري فاروق حسني، التي خرج منها بلا أي نتيجة، حيث رفض الوزير المبادرة الإسرائيلية رافعا شعار «لا للتطبيع»، وهو الشعار نفسه الذي اتخذه الفيلم شعارا له.ولعل ملامح نجاح الفيلم ظهرت في عدة عناصر أولها عملياً، وعلى ارض الواقع في العرض الخاص للعمل الذي حضره الزعيم بطل الفيلم مع عدد كبير من النجوم والشخصيات، الذي تناثرت خلاله الهمسات والتفاعل من الجمهور مع كل مشهد مع الطرح الذي تبناه من رؤية صريحة وواضحة لرفض التطبيع مع إسرائيل، حتى أن الجمهور صفق كثيراً في بعض المشاهد ومع الحوار الذي جاء على لسان الأبطال، لكن كان المشهد الأكثر تأثيراً، الذي ألهب حماس الجماهير هو استشهاد الطفل الفلسطيني الذي قام بتجسيد دوره ابن المخرج عمرو عرفة، كذلك جنازة الطفل في الانتفاضة، وهي اللحظة الدرامية التي غيرت أيضا سلوك وحياة بطل الفيلم.أما العنصر الثاني في التدليل على نجاح العمل فهو تحقيقه لإيرادات اقتربت من الثمانية ملايين جنيه حتى كتابة هذه السطور، أي في عشرة أيام عرض.وهناك عنصر آخر هو ظهور شخصية السفير الإسرائيلي لأول مرة في عمل فني، الذي جسد دوره الممثل لطفي لبيب.
علاقات سياسية
إلقاء الضوء على قصة الفيلم بشكل مختصر تأتي عبر البطل مهندس البترول المصري عادل إمام، الذي يعود لبلاده بعد رحلة عمل شاقة وطويلة في دولة الإمارات بعد أن تم طرده من الشركة بسبب علاقاته النسائية، وعند عودته يفاجأ أن شقته تجاور سفارة إسرائيل، وهي مفاجأة لم يكن يتوقعها، لأنه لم تكن له أي انتماءات أو تكتلات سياسية ولم تكن لديه أي خلفيات سياسية طوال حياته.وخلال الأحداث يتعرف البطل على السفير الإسرائيلي وتنشأ بينه وبين العديد من الشخصيات السياسية المختلفة علاقات درامية، سواء من المتشددين أو المتطرفين أو الشيوعيين ومختلف الانتماءات السياسية.وفي مشاهد متلاحقة يرى المشاهد متى سيعتبرون البطل بطلا، ومتى سيعتبرونه خائناً، كما تنشأ علاقة عاطفية بينه وبين فتاة ثورية عمها من أقطاب الحركة الشيوعية، وتتقلب هذه العلاقة حسب تغير الأحوال والظروف السياسية، وتلعب دورها داليا البحيري.أيضا يقيم مهندس البترول علاقات مع أفراد الأمن الموجودين بالعمارة لحراسة السفارة الإسرائيلية، لأنه من واجب الحكومة الحفاظ على السلام واتفاقية السلام المنعقدة بين مصر وإسرائيل.كما تتطرق أحداث الفيلم إلى الصراع العربي ـ الإسرائيلي من خلال هذا العمل صاحب الصبغة الكوميدية السياسية.ويجسد الفنان احمد راتب، دور المحامي صديق البطل.واحمد صيام، دور الصحافي في جريدة «لا»، وهي جريدة رافضة لكل شيء.وخالد سرحان، يقدم دور قائد الشرطة التي تحمي السفارة.وخالد زكي، دور القائد لقوات الأمن.أما الدكتور هناء عبد الفتاح، فيقدم دور أستاذ بالجامعة الأمريكية ويعمل بمسرح القطاع العام ويؤدي دور متشدد يساري.
ضد التطبيع
«المجلة» سألت صناع الفيلم عن الاعتراضات التي وصلتهم عن الفيلم والموضوع الذي يتناوله، خاصة الهجوم على السفارة الإسرائيلية وعدم التطبيع، حيث أكد يوسف معاطي كاتب سيناريو الفيلم، أن هناك كلاما كثيرا نشر في الصحف والمجلات عن وجود خطابات اعتراض من السفارة الإسرائيلية في القاهرة، إلا أن هذا الكلام لم يحدث ولم تصلهم أية رسائل أو خطابات في هذا الشأن.وتابع معاطي:النص الخاص بالفيلم أجازته الرقابة المصرية ولم تعترض على أي من مشاهده، وهذا ما يهم فريق العمل، سواء كان هناك اعتراض من السفارة أو غيرها.. وحتى بعد العرض، لم نتلق أي اعتراض على الفيلم.وكانت هناك وجهات نظر بين البطل عادل إمام والمخرج والمؤلف، حول ظهور السفير الإسرائيلي في الأحداث، وكان الاتفاق على ظهوره، وفي عدد من المشاهد، لكي تكون القصة ذات اثر قوي ورد فعل عند الجماهير، وهو ما حدث بالفعل، بدءا من العرض الخاص ومرورا بالحفلات بدور العرض السينمائي.وأضاف معاطي ان قصة الفيلم تكمن في غرابتها لأنها تجيب عن عدة تساؤلات منها: ماذا يحدث لو أن إنسانا عاش طول حياته بالخارج وعاد إلى بلده بعد فترة طويلة؟، ومن هنا جاءت فكرة الفيلم عندما وجد له الفنان عادل إمام والمخرج عمرو عرفة، الجواب!، كما أن الفيلم يتساءل عبر أحداثه:لماذا لم تستطع الشعوب أن تقبل موضوع التطبيع مع إسرائيل مع أن الحكومات فعلت ذلك من خلال أحداث سياسية كوميدية؟، ويعتبر الفيلم خامس عمل لعادل إمام مع المؤلف، والثاني للمخرج، في مشواره السينمائي بعد فيلم «افريكانو»، الذي قدمه مع احمد السقا ومنى زكي.وقد استطلعت «المجلة» آراء بعض النقاد والنجوم حول فيلم عادل إمام الجديد «السفارة في العمارة»، الذي أكد استمرار زعامته للفنانين، ويقول الناقد رفيق الصبان: «عادل إمام كعادته جريء، وهذه الجرأة كانت وراء مكانته واستمرار نجوميته، حتى أن جرأته ليست في الفن فقط، لكن في آرائه السياسية، وآخرها انه اعتبر في تصريحات علنية مظاهرات بعض المنظمات التي تنفذ الأيام الحالية، معادية للوطن وتضر بمصالحه، وان البعض يسعى من خلالها إلى إظهار وجوده بطريقة غير صحيحة».ويقول الناقد محمود سعد:«عادل إمام فنان من طراز مختلف وسيظل كذلك، وفيلمه الأخير يحمل العديد من الاسقاطات السياسية في إطار كوميدي قوي يجعل كل من يشاهده يتعاطف معه ضد الجانب الإسرائيلي لصالح الفلسطينيين، وخير دليل مشهد جنازة الطفل الفلسطيني صديق البطل».وأضاف:«ان الفيلم عبر مشاهده الأخيرة تتضح رسالته القوية عندما يعود المهندس المصري إلى شقته ليطرد منها الإسرائيلي ويصيح «برة»، وهو المشهد الذي يصل إليه الفيلم برسالته في رفض التطبيع.كما أن هناك مشهدا قويا للطفل الفلسطيني الذي يصر على العودة إلى بلده فلسطين رافضا الحياة في الخليج ومفضلا المشاركة في الانتفاضة لطرد المحتلين حتى لحظة الاستشهاد.وعلى الرغم من أن عزت أبو عوف لم يظهر في مشاهد كثيرة، إلا انه كان نقطة فاصلة في التطور الدرامي للفيلم، حيث ظهر ليلعب دور الوسيط في التطبيع من خلال التجارة. أما لطفي لبيب، الذي قدم دور السفير الإسرائيلي، فكان بارعا، وهذا العمل يعتبر من أهم محطاته الفنية على الإطلاق».وكانت الرقابة على المصنفات الفنية أجازت عرض الفيلم من دون حذف أي مشهد، خاصة التي تدور بين المهندس المصري والسفير الإسرائيلي، وكانت أيضا الرقابة قد أبدت عدة ملاحظات على السيناريو، خاصة بوزارة الداخلية، إلا أن هذه المشاهد لم تكن موجودة في نسخة العرض، وأكد الرقباء من جانبهم انه من الخطأ الكبير رفض أي مشهد في هذا الفيلم لأنه يعد وثيقة مهمة للسينما المصرية.ولان أفلام النجم الزعيم عادل إمام لها أهميتها في كونها تمس وتراً حساساً عند رجل الشارع البسيط والمثقف وغيرهما، فإن دور العرض ليست فقط التي تتسابق على الفيلم بالجمهور، إنما شاشات الفضائيات أيضا تعيش الصراع والمنافسة، وهو ما جعل محطة راديو وتلفزيون العرب ART تحجز الفيلم لعرضه بعد رفعه من دور السينما مباشرة، ودفعت ستة ملايين جنيه لهذا الهدف.الغريب أن هذا التعاقد بين الشركة المنتجة وART، تم قبل بدء تصوير الفيلم وليس بعد عمليات التصوير. وعرض الفيلم بلغت تكاليفه خمسة ملايين، وحصل الفنان عادل إمام كما تردد في الوسط على ثلاثة ملايين اجرا
مجلة المجلة