مسرح الدولة يتفوق على المسرح الخاص
شهد الموسم المسرحي في مصر علي مدار العام الماضى تغييرا كبيرا في الخريطة العامة للحركة المسرحية والتي كانت تعطي الغلبة دائما للمسرح الخاص في الأعوام السابقة, ولكن مسرح القطاع العام كانت له الغلبة ذلك العام, نظرا لنجاح د. أشرف زكي رئيس البيت الفني للمسرح في استقطاب العديد من النجوم لخشبة مسرح الدولة, ولايزال يعاني المسرح في مصر من هروب مبدعيه وفنانيه خصوصا الشباب مثل محمد هنيدي وأحمد السقا ومني زكي إلي السينما والتليفزيون, وهو ما يراه الكثير من النقاد جزءا أساسيا من مشكلة المسرح وكبوته التي يمر بها, لأن هؤلاءالنجوم أحدثوا انتفاضة في السينما ونجحوا في جذب جمهور الشباب إليها وهم يمثلون قوة شرائية كبيرة في المجتمع المصري, كما كان لضعف الإمكانات وعدم الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة التي تستخدم علي مسارح أوروبا وأمريكا, أثر كبير في ضعف الإقبال علي المسرح فيم صر.
واختزلت الفرق المسرحية في مصر إلي4 فرق أساسية أصحابها هم عادل إمام, وجلال الشرقاوي, وفيصل ندا وأحمد الإبياري, في الوقت الذي وصلت فيه عدد الفرق المسرحية في الماضي إلي حوالي30 فرقة مختلفة, وبعد أن كان الجمهور يملأ قاعات المسرح, والفرق تملأ خشباتها, نجد أن الفراغ بات هو المسيطر علي المشهد المسرحي في مصر سواء في مقاعد المشاهدين أم فوق خشبات المسرح.
وبنظرة شاملة علي الموسم المسرحي للقطاع الخاص, نجد أنه لم ينج منه سوي عادل إمام بمسرحيته بودي جارد التي عرضها للسنة التاسعة علي التوالي علي خشبة مسرح الزعيم, حيث واصلت تلك المسرحية نجاحاتها المتوالية, وعرضت بالعديد من الدول العربية, وحققت أعلي إيرادات في الموسم المسرحي, حيث وصلت أحيانا إيراداتها اليومية إلي حوالي50 ألف جنيه ليتربع عادل إمام علي زعامة المسرح الخاص, ويثبت أنه فرس الرهان المضمون في ظل تدني الإيرادات, ومن بعده سمير غانم في مسرحيته دو ري مي فاصوليا ومن بعدها مراتي زعيمة عصابة.
وعلي الجانب الآخر فإن مسرح الدولة بعد أن ظل لسنوات طويلة يعاني من خصام الجمهور له, وعزوف كبار الفنانين عن الوقوف علي خشبته, وقلة إيرادات شباكه, التي كنت تذهب دائما لمسرح القطاع الخاص, نجح في العام2007, في التغلب علي كل تلك العقبات, حيث استقطب نجوما من الصف الأول, وامتلأت قاعاته بالجمهور, مما كان له أثره الإيجابي علي خزينة شباك التذاكر.
وانتعش مسرح الدولة كما وكيفا, وزالت حالة الخصام مع الجمهور إلي حد كبير, بعد عودة لافتات كامل العدد والتي ظهرت في مسرحية روايح التي تقوم ببطولتها فيفي عبده, وجمال عبدالناصر وجمال إسماعيل, ووضع الموسيقي التصويرية لها علي سعد, وكتبها عزت آدم, ويخرجها أحمد خليل, ووصلت إيرادات المسرحية في بعض الليالي إلي13 ألف جنيه.
ولكن لم يسلم رئيس البيت الفني للمسرح أشرف زكي من النقد الموجه له واتهموا العمل بالاستفزاز الصارخ لقيم الفن والفكر وابتعادها جملة وتفصيلا عن الهدف الرئيسي ذي الطابع التنويري لمسرح الدولة, وزادت تلك الانتقادات مع عرض مسرحية النمر للفنان محمد نجم, حيث أثارت تلك المسرحية وابلا من الانتقادات, انصبت معظمها حول اتهام نجم بخروجه المستمر عن النص المسرحي, واستهزائه بنجوم الطرب المصريين مثل عمرو دياب ومحمد منير, وغيرهم وهو ما أثار حفيظة بعض من الجمهور الموجود في المسرح, ومع ذلك حققت المسرحية إيرادات مرتفعة, وصلت في بعض الليالي إلي10 آلاف جنيه, وهو ما دفع الكثير من النقاد للتساؤل هل منطق شباك التذاكر تمكن من التغلب علي النص المسرحي الجيد في عقر داره ألا وهو مسرح الدولة.
وإلي جوار تلك العروض جاءت يمامة بيضا التي يقوم ببطولتها علي الحجار وابنه أحمد الحجار, وهدي عمار, ولكنها لم تحقق نفس إيرادات مسرحيتي روايح والنمر.
وقد شهد ذلك العمل العديد من الأزمات كان أهمها اعتراض الرقابة علي الدور الذي يجسده الفنان محمود عزب, وذلك لقيامه بتقليد شخصية رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف, وأيضا اعتراضها علي بعض الجمل والأغنيات التي تنتقد سياسة الحكومة المصرية, ومنها أغنية بيع ياعم بيع والتي تنتقد سياسة الخصخصة, وبرغم أزماتها إلا أن المسرحية تحقق متوسط إيرادات يومي حوالي7 آلاف جنيه.
وبعد ولادة متعثرة عرضت مسرحية الإسكافي ملكا والتي كانت حبيسة البروفات لمدة حوالي5 سنوات, وذلك لاعتذار العديد من المخرجين والأبطال عن القيام بها, حتي ظهرت علي أيدي المخرج خالد جلال, ويقوم ببطولتها ماجد الكدواني, والتي يقدم فيها شخصية معروف الإسكافي الذي يؤمن بالغناء ويحلم بتغيير المجتمع إلي الأفضل, ولكن بعد تحقيق أحلامه يتم الحكم عليه بالإعدام.
وحول تلك الانتعاشة التي شهدها مسرح الدولة والانتقادات التي وجهت له أيضا, أكد أشرف زكي رئيس البيت الفني للمسرح أنه كان لابد من الاعتراف بسلبيات مسرح الدولة لكي يقوم بعلاجها,مشيرا إلي أنه يريد إرضاء كل الأذواق واستقطاب الجمهور لقاعات المسرح, ولذلك فهو يتعمد تقديم مختلف النوعيات المسرحية والجمهور عليه الاختيار من بينها, فقضيته الأولي تتعلق بالجمهور وعودته لمسرح الدولة, ولا يبحث عن تقديم أعمال لطبقة المثقفين فقط, بل لكل الجمهور بلا استثناء.