روزاليوسف اليومية: سيادة الرئيس: تطرقت كثيرا لما يخص الطبقة الوسطي باعتبارها عماد بنية المجتمع.. هل هناك برامج محددة في هذا السياق.. أم أنكم تنظرون إلي ما يمكن أن يحدث من تطوير لهذه الطبقة في إطار كل البرامج الاقتصادية والاجتماعية المعلنة؟
- الرئيس مبارك: الطبقة الوسطي تمثل بالفعل أحد الأعمدة الصلبة لمجتمعنا، وهي تشمل القاعدة العريضة من الشعب، وتعتبر قاطرة التطوير الحقيقية للمجتمع - اقتصاديا، وسياسيا، وثقافيا. لذلك فقد حرصت علي أن أتناولها بقدر من التركيز في برنامجي الانتخابي. وكما ذكرت أثناء الحملة فالطبقة المتوسطة استفادت من الكثير من السياسات التي تقدمنا بها، فالتخفيضات الكبيرة التي تمت في نظم الضرائب والجمارك علي سبيل المثال، أتاحت لأبناء الطبقة المتوسطة قوة شرائية أكبر.. كذلك برامجنا لتحسين مستوي الحياة، وخاصة المرافق العامة، استهدفت بشكل كبير الطبقة المتوسطة..
روزاليوسف اليومية: سيادة الرئيس.. ما هي اتجاهات تفكيرك في هذا المجال؟
- الرئيس مبارك: سوف نبني علي ذلك بسياسات ومقترحات محددة لتحسين أوضاع هذه الطبقة وإتاحة المزيد من الفرص لأبنائها في التعليم والسكن وتحسين نوعية الحياة.. في مجال التعليم علي سبيل المثال سوف نستهدف الارتقاء بكافة مراحل العملية التعليمية، بدءا بمرحلة رياض الأطفال، وإتاحة فرص التعليم المتميز من خلال تشجيع المدارس الخاصة والتعاونية، والتوسع في إنشاء الجامعات الخاصة وتشجيعها علي التوأمة مع الجامعات الرائدة دوليا، وإتاحة فرص التعليم المستمر. في مجال السكن، سوف نعمل علي تفعيل قانون التمويل العقاري من أجل تسهيل تملك السكن الملائم للطبقة الوسطي، وكذلك إتاحة الأراضي وتبسيط إجراءات التسجيل للعقارات، وتوفير التمويل والإقراض للبناء والتشييد، مع تخفيض رسوم التسجيل بأكثر من النصف، سوف نستهدف أيضا تشجيع البنوك لمنح التمويل لشراء السلع المعمرة التي تجهز بها بيوتها، كل هذه السياسات وغيرها نستهدف بها توسيع الفرص والخيارات المتاحة أمام أبناء الطبقة الوسطي.
روزاليوسف اليومية: في برنامجك الانتخابي لوحظ الاهتمام بقطاعات متنوعة في المجتمع.. وفيما يخص النخبة السياسية.. هل نحن بصدد صفحة جديدة بين الدولة والنخبة؟
- الرئيس مبارك: إذا كنت تقصد بالنخبة الكتاب والمفكرين والمثقفين، فهم لاشك يمثلون شريحة مهمة في المجتمع، عليهم دور مهم في تشكيل وجدان المجتمع وتوجيه الرأي العام، ولابد أن تكون لهم إسهاماتهم في مسيرة الإصلاح، أنا لا أري أن هناك خصومة بين الدولة وبين هؤلاء لكي نفتح معهم صفحة جديدة، بل علي العكس هناك مناخ غير مسبوق من حرية الرأي والتعبير، فتحت الأبواب علي مصراعيها لكل الآراء والتوجهات الفكرية دون قيود، سواء كانت مؤيدة لسياسات الدولة وتوجهاتها، أو معارضة لها. أنا أتطلع للمزيد من الإسهام البنّاء والإيجابي من جانب النخبة السياسية والطبقة المثقفة في خطوات الإصلاح، فهي التي تثري رؤي الإصلاح بفكرها، وسيكون عليها دور مهم مستقبلا ونحن مقبلون علي مرحلة جديدة وحيوية في عملية الإصلاح، سوف تطرح بلا شك تحديات أمام المجتمع، تصميمنا علي اقتحام هذه التحديات واضح، وإنما سبق أن أكدت، وأؤكد اليوم أن عملية الإصلاح لا يمكن أن تقتصر مسئولياتها علي الدولة وحدها، وإنما لابد أن تتم في إطار شراكة متينة بين الدولة والمجتمع، ومن هنا تتضح أهمية دور المفكرين والمثقفين في تنوير المجتمع وكشف أبعاد خطوات الإصلاح وطرح الرؤي والآراء للتعامل مع تعقيداتها.
روزاليوسف اليومية: بعد الانتخابات وهذا الفوز الكبير الذي حققتموه، إلي أي مدي سوف تتغير آلية اتخاذ القرار في فترة الرئاسة الجديدة؟ هل تتجهون إلي الاعتماد الأكيد علي المشورة من مؤسسة الأغلبية الحزبية.. وهل سيطرأ تطوير في دور مؤسسة الرئاسة؟
- الرئيس مبارك: آليات اتخاذ القرار تحكمها مسئوليات وسلطات واضحة محددة بموجب الدستور والقانون. سبق أن أشرت إلي أن نجاح أي قرار يعتمد علي النقاش الواسع والاستماع إلي كل الآراء حتي يخرج القرار مدروسا وملما بكافة الاعتبارات والأبعاد المرتبطة به، هذا هو المنهج الذي حكم قراراتي وتوجهاتي في السابق، وسوف أحرص علي تدعيمه وترسيخه مستقبلا، فسوف أعمل عن قرب مع رئيس مجلس الوزراء لتنفيذ البرنامج الطموح الذي طرحته خلال الحملة الانتخابية ومع البرلمان لاعتماد التشريعات اللازمة لتحقيق أهدافنا ودفع عملية الإصلاح والتطوير. أما بالنسبة للحزب، فلاشك أنه يمثل طرفا مهما في المشورة التي أحرص عليها في اتخاذ القرار ووضع السياسات العامة، وفي هذا الإطار، فإن التشاور مع مؤسسات الحزب يتم بشكل مؤسسي ومنتظم، وكان ذلك إحدي ثمرات عملية التطوير التي شهدها الحزب في أساليب عمله، وهي تجربة سوف تستمر وتتطور، وفي نفس الوقت فأنا أحرص دائما علي الاستماع إلي كل الآراء والتوجهات التي تطرحها الأحزاب الأخري، وكذلك قوي المجتمع المدني فيما يتعلق بالقضايا العامة.
روزاليوسف اليومية: الحديث عن صلاحيات الرئيس وتعهدكم بإحداث تعديلات علي الصلاحيات الممنوحة للرئيس دستوريا.. هل هو يعني نقل بعض الأعباء والأدوار إلي سلطات أخري؟
- الرئيس مبارك: ارجع إلي كلمتي بمدرسة «المساعي المشكورة» وبرنامجي الذي عرضته خلال الحملة الانتخابية. المطلوب إضفاء المزيد من التوازن علي العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من جانب، وتعزيز دور مجلس الوزراء وتوسيع اختصاصاته من جانب آخر.. سوف أعمل مع مجلس الشعب علي توسيع المدي الذي تشارك فيه الحكومة رئيس الجمهورية في أعمال السلطة التنفيذية.. كما سأعمل علي وضع المزيد من الضوابط علي ممارسة رئيس الجمهورية للصلاحيات المخولة إليه وفق أحكام الدستور عند مواجهة أخطار تتهدد سلامة الوطن أو تعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري.
روزاليوسف اليومية: في غضون الأشهر القليلة الماضية، وبسبب الحملة الانتخابية، كان من الضروري أن يولي الرئيس جهدا أكبر للأوضاع الداخلية.. الآن وبعد الانتخابات ما هي توجهات الجهد الذي ستبذلونه في السياسة الخارجية؟
- الرئيس مبارك: انشغالي بقضايا الخارج لم يتوقف حتي خلال الحملة الانتخابية، فالظروف التي تمر بها المنطقة والتطورات المتلاحقة علي الساحة الدولية تتطلب أكثر من أي وقت مضي يقظة وترقبا لرصد الأحداث وتحليل تداعياتها ووضع السياسات الكفيلة بحماية مصالحنا. أولويات التحرك الخارجي خلال المرحلة المقبلة سوف تتركز علي عدد من الملفات الرئيسية إقليميا ودوليا، علي رأسها القضية الفلسطينية ومحاولة البناء علي الانسحاب الإسرائيلي من غزة لتنفيذ مراحل خارطة الطريق وبدء مفاوضات الوضع الدائم في أسرع وقت ممكن، كما أن هناك قضية العراق وما يمر به من مرحلة صعبة ودقيقة، وما يقتضيه ذلك من تكثيف الجهود لضمان وحدته واستقراره، قضية العمل العربي المشترك من القضايا المهمة التي سوف تحظي باهتمام متزايد، وما يرتبط بذلك من ضرورة العمل علي تطوير آليات ومؤسسات الجامعة العربية والإسراع في تنفيذ برامج التطوير المطروحة في هذا الشأن. يضاف إلي ذلك الوضع في السودان، الذي يمر بمرحلة دقيقة بعد الرحيل المفاجئ لجارنج ودخول اتفاق السلام مع الجنوب حيز التنفيذ، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، مما يتطلب منا مساعدة الجانب السوداني، فنجاح اتفاق السلام سوف يجعل خيار الوحدة أكثر جاذبية لأهل السودان شمالا وجنوبا، هذا فضلا عن مشكلة دارفور التي سوف نوليها عناية خاصة لمحاولة إيجاد صيغة لتهدئة الأوضاع في هذا الإقليم وإنجاح المفاوضات الجارية في أبوجا بين الحكومة وحركات التمرد.
روزاليوسف اليومية: وماذا عن الساحة الدولية؟
- الرئيس مبارك: سوف ترتكز جهودنا علي تطوير علاقاتنا مع شركائنا الرئيسيين، وعلي رأسهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية بما يخدم أهداف التنمية في الداخل. وينطلق هذا من التوجه الذي اعتمدناه علي مدار السنوات الماضية لتوظيف شبكة العلاقات المتميزة التي أقمناها مع دول العالم للمساهمة في تحقيق أهدافنا المرتبطة بالإصلاح والتطوير والتنمية. من هذا المنطلق سوف نبني علي النجاح الذي تحقق في إطار ترتيبات المناطق الصناعية المؤهلة لتوسيع المناطق المستفيدة منها، والبدء في المفاوضات حول اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، كما أن هناك خطوات لتعميق علاقاتنا التجارية مع الاتحاد الأوروبي والتي تشمل -علي سبيل المثال - إعادة التفاوض علي حصص بعض الصادرات المصرية إلي السوق الأوروبية وخاصة صادراتنا من السلع الزراعية والسلع الزراعية المصنعة.
روزاليوسف اليومية : هل هناك جدول ما للقاءات مع بعض القادة والزعماء خارج وداخل مصر؟ وهل هناك تجديد للدعوة للقمة العربية المقترحة من قبل؟
- الرئيس مبارك : سوف أكون منشغلاً بالانتخابات التشريعية القادمة وليس في جدول ارتباطاتي زيارات خارجية حتي نهاية العام الحالي .. بالطبع من الممكن أن تطرأ مستجدات تقتضي القيام بمهام خارجية، ولكن حتي الآن لا توجد ارتباطات. أما استقبالي لزعماء وقادة داخل مصر فهذا أمر آخر .. فقد استقبلت اليوم «الأحد» الرئيس بشار الأسد ويزورنا هذا الأسبوع الأخ العقيد معمر القذافي .. والتشاور والتنسيق مع الزعماء من المنطقة العربية وخارجها مستمر ولا ينقطع. وقد دعوت للقمة العربية الطارئة في شهر يوليه الماضي في ظروف استثنائية لم تكن تحتمل التأجيل من وجهة نظري، أو الانتظار للقمة العادية في مارس العام المقبل، كنا علي أعتاب الانسحاب الإسرائيلي من غزة .. هل سيتم؟ هل سينجح؟ كيف يمكن أن نوفر له عوامل النجاح؟ وكيف نتعامل مع أوضاع ما بعد الانسحاب؟ وكنا في يوليو الماضي قد شهدنا واقعة مقلقة لأول اقتتال فلسطيني -فلسطيني .. وكان ذلك بالنسبة لي خطاً أحمر يدعو إلي موقف عربي يحول دون تكراره أو تحوله لحرب أهلية فلسطينية. وعلي الساحة العراقية .. كان الخلاف حول صياغة الدستور العراقي يهدد وحدة وعروبة العراق .. ويحمل لأبنائه مخاطر الانجراف لحرب أهلية .. وفضلاً عن ذلك كان خطر الإرهاب ماثلاً فيما تعرضت له بعض الدول العربية من أعمال إرهابية تهدد أمن المنطقة واستقرارها.. دعوت للقمة الطارئة في هذا التوقيت يوليو الماضي واقترحت أن يتضمن جدول أعمالها هذه البنود الثلاثة .. الوضع علي الساحة الفلسطينية، وعلي الساحة العراقية، والإرهاب .. جاء رحيل الملك فهد ليطرح ظرفاً حال دون انعقاد القمة.. وتجاوزت الأحداث المنطق الاستثنائي من وراء الدعوة إليها.. الانسحاب الإسرائيلي تم من غزة .. وتم التوصل لمسودة الدستور العراقي ... واجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة يوم 8 سبتمبر قرر مواصلة التشاور حول الإعداد للقمة المقبلة قد تكون في شكل قمة طارئة إذا ما استدعت الظروف ذلك.
روزاليوسف اليومية : سيادة الرئيس .. عربياً .. هل هناك تصورات جديدة في السياسة المصرية .. أم أن ثوابتنا كما هي .. نطرح هذا السؤال لا سيما وأنكم تحدثتم من قبل عن ضرورة وضع رؤية عربية للمستقبل في ظل عالم متغير؟
- الرئيس مبارك : ثوابت السياسة الخارجية لا تتغير، وإنما ما يتغير هو التحديات التي تتطلب أسلوباً جديداً للتعامل معها تحقيقاً لمصالحنا، وليس معني اتباعنا لأساليب جديدة أو لمنهج مختلف أنه تنازل عن ثوابتنا كما يدعي البعض. فنجاح السياسة الخارجية ينبني دائماً علي ثوابت ومرتكزات تحدد الخطوط الأساسية لتحركاتنا، وإنما في نفس الوقت فإنه ينبني أيضاً علي التعامل المرن مع المتغيرات وقراءة ثاقبة للظروف المحيطة بالوضع الإقليمي والدولي. ثوابتنا التي ننطلق منها تتمثل في دعم قضايا أمتنا العربية علي رأسها القضية الفلسطينية ومناصرة حقوق الشعب الفلسطيني، والتحرك النشط إقليمياً بهدف تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط من منطلق أن دور مصر كان دائماً داعماً للاستقرار من خلال احتواء وحل الخلافات والنزاعات الإقليمية وتعزيز العمل العربي المشترك. من ناحية أخري لا شك أن المتغيرات التي طرأت إقليمياً ودولياً تفرض علينا أن نسعي لتحقيق هذه الأهداف بسبل وآليات مختلفة وتفكير متجدد يمكننا من التعامل مع هذه المتغيرات بمنهج متجدد .. ولننظر علي سبيل المثال إلي قضية العمل العربي المشترك ومؤسسات الجامعة العربية فكما أشرت في سؤالك نحن طرحنا رؤية تقوم علي ضرورة إحداث تطوير مؤسسي حقيقي في آليات الجامعة وأسلوب عملها لكي تتلاءم مع الظروف والأولويات الجديدة في العالم العربي وتستجيب لمتطلبات التغيير والإصلاح في العديد من الدول العربية، ومن أجل ذلك طرحنا تصوراً متكاملاً لإصلاح الجامعة تضمن مقترحات وأفكاراً عديدة بعضها دخل حيز التنفيذ والبعض الآخر لازال قيد البحث، أعتقد أن المرحلة المقبلة تقتضي أن نتحرك علي مستويين الأول يتمثل في خطوات ملموسة لإنشاء منطقة التجارة العربية الكبري، مثل التوصل إلي قواعد المنشأ والإعداد لإقامة الاتحاد الجمركي، والثاني يتمثل في الانتماء من مشاريع التطوير المطروحة للجامعة، منها وضع نظام جديد للتصويت، وآلية لمتابعة تنفيذ قرارات القمم العربية وإنشاء البرلمان العربي.
روزاليوسف اليومية : فيما يخص الملف الفلسطيني .. هل أنت راض عن الخطوات التي تحققت حتي الآن وهل تعتقد أن المسارات تتجه حقاً نحو اقتراب إعلان الدولة؟
- الرئيس مبارك : الانسحاب الإسرائيلي من غزة يمثل خطوة هامة، فانسحاب إسرائيل من أي شبر من الأراضي العربية المحتلة يعد مكسباً للعرب وللفلسطينيين، خاصة أن خطوة الانسحاب تضمنت تفكيك المستوطنات وإخلاء المستوطنين، وفي نفس الوقت فإن هذه الخطوة تفرض تحديات جديدة فأصبح لزاماً علي السلطة الفلسطينية أن تعمل لضبط الوضع الأمني علي الأرض وإثبات قدرتها علي صيانة الأمن العام حتي تقطع الطريق أمام ادعاءات إسرائيل بأن الفلسطينيين غير مؤهلين لتولي المسئولية في حال انسحاب إسرائيل من المزيد من الأراضي في الضفة الغربية. لذلك تركيزنا ينصب علي المساعدة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، ودعم قدرات السلطة الفلسطينية وتدريب عناصرها حتي تتمكن من الوفاء بمسئولياتها، ونستمر في اتصالاتنا مع كافة الفصائل الفلسطينية ضمانا لاستمرار التهدئة وتنفيذا لتفاهمات شرم الشيخ، وبالتوازي مع ذلك نتحرك سياسياً لاستئناف تنفيذ خريطة الطريق، وصولاً إلي قيام الدولة الفلسطينية علي حدود 1967 وعاصمتها القدس من خلال بدء مفاوضات الوضع الدائم. شارون يحاول تثبيت فكرة الحل المرحلي طويل المدي، ويشترط قيام السلطة الفلسطينية بنزع سلاح المقاومة وتفكيك ما يسميه الجانب الإسرائيلي بالبنية التحتية للإرهاب قبل البدء في تنفيذ خريطة الطريق، في نفس الوقت الذي يكثف فيه حركة الاستيطان في أراضي الضفة الغربية، وخاصة في المناطق المحيطة بالقدس، هذه كلها خطوات غير إيجابية وتعرقل المفاوضات السلمية وتقوض أسس التسوية، إذ أنها تغلق الباب شيئاً فشيئاً علي احتمالات قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، ولذا سوف نتحرك ونكثف اتصالاتنا مع الولايات المتحدة وباقي أعضاء اللجنة الرباعية للتأكيد علي استئناف المفاوضات السياسية في أسرع وقت حتي لا نفقد الزخم الذي تحقق نتيجة الانسحاب من غزة.
روزاليوسف اليومية : كيف تقيمون الآن الوضع في العراق .. وهل نحن بصدد تطوير أكبر في العلاقة معه، وما هي ملامح الدور المصري في الملف العراقي؟
- الرئيس مبارك: يمر العراق بمرحلة دقيقة للغاية .. نزيف الدماء مستمر، واضطراب الوضع الأمني يهدد استقراره ووحدته، يتمثل الأمل في الإسراع بإعادة تدريب وتأهيل الجيش العراقي وقوات الأمن .. علي نحو يمكنها من إنفاذ القانون واستعادة الهدوء ... يمكن أن يمهد ذلك لانسحاب قوات التحالف إلي خارج المدن تمهيداً للانسحاب من العراق.. قرار مجلس الأمن «1546» يضع معالم عملية سياسية تؤدي لوضع دستور عراقي وتشكيل حكومة تحل محل الحكومة الانتقالية الحالية .. تم التوصل لمسودة الدستور وسيطرح للاستفتاء منتصف أكتوبر المقبل، نأمل أن تتكلل هذه العملية السياسية بالنجاح علي نحو يتيح للعراق استعادة استقلاله وسيادته، والحفاظ علي وحدة أراضيه وأبنائه، وبدء عملية إعادة الإعمار. هذا هو الهدف الذي يسعي الدور المصري للإسهام في تحقيقه .. دورنا في المف العراقي هو مساعدة شعب العراق علي تحقيق هذا الهدف .. قمنا بتدريب بعض كوادر قوات الأمن العراقية ومستعدون لتدريب المزيد .. لنا اتصالات مع كافة أطياف التيارات السياسية بالعراق .. ونشجعهم علي إنجاح العملية السياسية الجارية باعتبارها السبيل لاستعادة الاستقلال والسيادة والاستقرار .. وسنكون مستعدين للمساهمة في إعادة البناء والإعمار .. لا نملك أن ننعزل عن قضية شعب العراق وقضايا أمتنا العربية.
روزاليوسف اليومية : فيما يتعلق بملف الولايات المتحدة والعلاقات المصرية الأمريكية .. وبعد عام أو أكثر من الشد والجذب .. ثم الهدوء .. وما هو تصور مصر الاستراتيجي لهذه العلاقة؟
- الرئيس مبارك: العلاقات مع الولايات المتحدة هي علاقات استراتيجية، وبالنسبة لنا فهي علاقة تنطلق في الأساس من المصالح المصرية، فهناك مجالات تعاون عديدة بيننا وبين الجانب الأمريكي سياسياً واقتصادياً وأمنياً فضلاً عن التعاون في الشأن الإقليمي خاصة علي الساحة الفلسطينية .. وفي نفس الوقت ليس معني ذلك أنه لا توجد خلافات أو تباين في وجهات النظر نعبر عنها بصراحة للولايات المتحدة في إطار من الحوار البناء والاحترام المتبادل. أنا دائماً أؤكد علي أن الخلاف أو التباين في وجهات النظر ليس معناه قطع قنوات الحوار، أو ترك الساحة خالية لمن قد يحاول الإضرار بمصالحنا مع القوة العظمي الوحيدة في الساحة الدولية ومن ثم فإنني أري ضرورة التوجد المصري المكثف علي الساحة الأمريكية والتواصل المستمر مع الجهات والمؤسسات النافذة في دوائر صنع الرار لشرح وجهة نظرنا، والتحاور والنقاش المستمر حول كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك. ومن هذا المنطق أود أن أؤكد أن علاقاتنا بالولايات المتحدة الأمريكية مثل علاقاتنا الدولية بشكل عام نوظفها من أجل تحقيق أهدافنا في التطوير والإصلاح. وفي هذا الإطار فنحن نتجه الآن إلي تطوير علاقاتنا الثنائية مع الجانب الأمريكي كما سبق وأشرت منخلال تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري، علي نحو يسمح بنفاذ صادراتنا إلي الأسواق الأمريكية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية المباشرة.
روزاليوسف اليومية : هل هناك أفكار بشأن لقاءات مصرية - أمريكية قريبة علي مستوي رئاسي؟
- الرئيس مبارك : أعتقد أنه سيكون من الصعب ترتيب لقاء مباشر علي المستوي الرئاسي قبل نهاية العام الحالي، نحن مقبلون علي انتخابات مجلس الشعب تنتهي آخر مراحلها في شهر ديسمبر القادم، غير أن الاتصالات مع الجانب الأمريكي مستمرة علي كافة المستويات، بما في ذلك علي المستوي الرئاسي، للتشاور حول قضايا العلاقات الثنائية، وكذلك فيما يتعلق بقضايا المنطقة. كما أن الزيارات المتبادلة مستمرة بشكل متتواصل سواء من جانب مسئولي الأجهزة المختلفة، أو من أعضاء الكونجرس، وكذلك علي المستوي غير الرسمي وهو كما ذكرت أمر أشجعه وأتطلع لاستمراره.
الأحد يناير 20, 2008 7:04 pm