مجلة الفن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجلة الفن

رئيس التحرير : كمال سلطان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تدهور الإعلام

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
كمال سلطان
Admin
كمال سلطان


المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 02/01/2008
العمر : 54

تدهور الإعلام Empty
مُساهمةموضوع: تدهور الإعلام   تدهور الإعلام Emptyالثلاثاء يناير 22, 2008 5:16 pm


تدهور الاعلام
بقلم عبدالله كمال
المقال المنشور فى روزاليوميه بتاريخ 22-1-2008


بعض الامور فى مجال الاعلام تحتاج نقاشا جديا جديدا ومطولا..حتى لو لم تتصل حلقاته.

قبل ان اعين رئيسا لتحرير روزاليوسف وفى ابريل عام 2005 كتبت مقالا عنوانه : كيف ستتدخل القنوات الفضائيه العربيه الاخباريه فى الشئون الداخليه المصريه ؟..لقد كان هذا بعد اعلان الرئيس عن مبادره المنوفيه وتعديل الدستور بشان طريقه اختيار الرئيس ..وقلت وقتها ان هذه القنوات سوف تمارس تاثير مدعوما بالمال والاجندات الخاصه للقنوات من جانب والعاملين فيها من جانب اخر فى الشان الداخلى المصرى من خلال توجيه الراى العام.

لقد كانت المشكله حتى هذا الوقت هى فى القنوات الاتيه من الخارج ..وصارت المشكله الان فى القنوات الصادره من الداخل ..وفى ان كل من هب ودب يحاول ان يلعب دورا ..حتى لو لم يكن يمثل الا نفسه ..وحتى لو لم يكن يعبر الا عن مصلحته الضيقه ..واتسع الامر لكى يشمل صحفا ومواقع وقنوات واذاعات..وتفلطحت ساحه الميديا بعشوائيه واصبحت مرتعا للفوضى ..او كما قلت مرتين فى الايام الماضيه : صار لدينا حراك سياسى لديه اداره تتحكم فى ايقاعه ..وتوجهاته ..وعندنا حراك اعلامى لاتوجد له اداره تهتم بشئونه.

ان السؤال هو : اين ادارة الاعلام؟

حسنا ، سوف نعود من جديد ، وهو مايتردد على السنه البعض فى الايام الاربعه الاخيره ، الى نظريات المؤامره ..والتدبيرات المرتبه لتوجيه اتهامات وانتقادات قصدها تحقيق مصالح صغيره ..والطعن فى قيمه ودور وتاثير القائمين على الاعلام..وحين ارى ذلك واسمعه ..فاننى استخف جدا بما يقال وانزعج من هؤلاء الذين يصرون على شخصنه الكارثه التى هى مسئوله باليقين عن عديد من مشكلات مصر الحاليه واهمها هدم البيئه التى يمكن ان ينطلق فيها الاصلاح الى افاق ارحب.

للاسف الشديد ان الاصرار على تحليل الامور باعتبارها (ثآرات شخصيه)..هو نوع من دفن الرؤوس فى الرمال ..وقد سجلت من قبل فى مقال شهير هو الرابع فى سلسله مقالات عن ملف الاعلام ان (الموضوع كبير)..لكن الاصرار على تصغيره ادى بالمعنيني بالاعلام ان يتجاهلوا مايجب ان يقوموا به..ومحاوله سد الثغرات على الاقل لدرء مايعتقدون انه يستغل شخصيا ضدهم ..لكن هذا لم يحدث..واستمرت الامور من تدهور الى تدهور..وهانحن امام مشكله كبيره لها ابعاد عديده.

هناك مصالح عامه اكبر بكثير من كل التحليلات الساذجه التى يقول بها مستشارون من نوع غير موثوق النوايا ولديه اجندات خاصه جدا..هؤلاء الذين يديرون حملات ضد من يخالف الوزير ..ويحاولون اقناعه بانهم انما يعملون لصالحه ..فى حين انهم يستفيدون من حاله الانفلات الاعلامى الحادث..ويروجون وجهات نظر لاقيمه لها ..وتؤثر على المصالح العامه ..بل ويتعمدون فتح قنوات خلفيه تقول كلاما غير الذى تم اقراره مما يسبب شوشره وبعثره ..ويجعل الجهود مهدره.

اين اداره الاعلام ؟

ماهى مقوماتها ؟..مالها معنيه بان تدافع عن نفسها بدلا من ان تقوم بجهدها ..مشغوله بان ترصد مايكتب فى روزاليوسف لكى تؤكد انها تتعرض لحمله ..وتجمع المقالات والشذرات الاخباريه وتضع هذا فى دوسيهات منمقه لعلها تثبت انها خاضعه لتربص ..حسنا اعتبروا الامر كذلك ..هى حمله ..ونحن نرصد مايحدث ..ولكن الحمله ليست لها اسباب شخصيه ..بل عمل قومى عام ..وهناك مشكلات عديده يتسبب فيها الاداء غير الخاضع لايه معايير موضوعيه ..ولكن هذا ليس تربصا ..وانما اخلاصا لذلك البلد ..واخلاصا لمصالح المؤسسات التى نعمل بها فى اطار منظومه قوميه شامله ..وتتسببب السياسات الاعلاميه ..تدرى او لاتدرى فى الاضرار بها.

انتم مشغولون بان تقولوا ان تدافعوا عن انفسكم شخصيا ..افعلوا ذلك عمليا ..من خلال القيام بواجبكم ..اين الرؤيه ..اين الرساله ..ماهى الاليات المؤثره ..هل يمكن الاعتقاد بان القاء المسئوليات على وزارات اخرى ..او القول بان القانون لايسمح لكم بصلاحيات معينه ..او ان الامكانيات لاتسمح..او القول بان حمله روزاليوسف تسبب شوشره ..هل يمكن الاعتقاد بان كل هذا يمكن ان يعوق العمل الحقيقى ..المنتظر والواجب؟

ترى ..هل لو التزمنا الصمت ..وقد فعلنا من قبل لفتره ..سوف يؤدى الصمت الى حدوث تغيير نوعى فى حاله الانفلات القائمه الان ..لا اظن ..لان المعنينن بالامر مشغولن بامور اخرى غير العمل الحقيقى ..مشغولون بالسفاسف ..وتحليل تربيطات تافهه..تبعد بهم عن بيت القصيد ..ومشغولون بدافعات ساذجه عن واقع اعلامى ينتقل من تدهور الى ماهو اسوأ ..ومن ثم ليس علينا ان نتوقع تطويرا او خيرا .

وليس ذلك الكلام سوى بدايه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://kamalsultan.blogspot.com/
anwaremara




المساهمات : 16
تاريخ التسجيل : 11/01/2008

تدهور الإعلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدهور الإعلام   تدهور الإعلام Emptyالخميس فبراير 14, 2008 3:55 pm

جاء في الآية الثانية من سورة يوسف قول الله العلي العظيم: "إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون" فأعز الخالق أمة العرب بالإسلام، آخر رسالاته السماوية.. وأعز الإسلام بالعرب.. وبقيت هذه اللغة العربية حافظةٌ للقرآن كما حفظ القرآن اللغة العربية..

من هنا أبدأ في التعريف باللغة كأوثق الأواصر التي تربط بين الأمم وأجناسها، حيث تبقى لُحمة اللسان أقرب وأمكن اللُحم الرابطة بين البشر، وأحياناً تكون أقرب من لُحمة الدين، بدليل أن العرب كانوا نصارى ويهوداً وصابئيين ووثنيين قبل الإسلام، فتعددت أديانهم وجمعتهم العروبة واللسان العربي.. وكان للعرب أشعارهم الوطنية التي تناشدوا بها باللسان العربي وكان ناظموها من نصارى ويهود ووثنيين، مثل السموأل اليهودي وأمرؤ القيس وعمرو بن كلثوم النصرانيين، كما كان الأخطل النصراني شاعر الخلافة الأموية وهو من أشد منافسي الفرزدق وجرير المسلمين.. إذن كان العرب عرباً قبل الإسلام، مع تعدد أديانهم، بلغتهم العربية.. في الجانب الآخر، يمكننا القول إن إرادة الحياة العقلية والغريزية تتلازم بتثبيت نفسها بالقوة المادية، أي بالبقاء أو بإرادة الخلود.. وفي جزئية من هذا الخلود يمكن القول إن الأفراد لا يُخَلّدون إلا بخلود أمتهم، وخلود الأمة لا يتحقق إلا بخلود نتاجاتها التي تعبّر عن شخصيتها فيما تنتج من فلسفات وأفكار وفنون وعلوم وآداب، أي بخلود حضاراتها التي تحققها الشعوب وتوسمها بطابعها في كل مرحلة من مراحل حياتها، لتميّزها من بين حضارات الأمم الأخرى، وبذلك يتشكل للأمم تاريخها العام الذي يكَون في المحصلة التراث الإنساني من نتاج البشرية جمعاء.. لهذا قالوا إن "الحضارة هي خلود الأمة في صدر التاريخ".. وبهذا الخلود يتجسّد في شخصية الأمة العميقة اسمها وطابعها ولغتها.. فلكل شخصية، فرداً كانت أم أمة، طابع يُعَد سِمَة دالة عليها وتُعَرّف بها.. ولا تستقيم هذه الشخصية ولا يستقر طابعها إلا إذا كانت كلاً واحداً، وكتلة منسجمة، أي إنها كانت أمة بأعمق ما في هذه الكلمة من معنى.. وانسجام الأمة يتم بانصهارها في بوتقة واحدة هي "القومية الصحيحة" التي هي ضرورة حيوية لتكوين الطابع الذي يمثل شخصية الأمة التي يحقق أفرادها إرادتهم في الحياة والقوة والخلود، بخلود مجموع نتاجها وحضارتها التي انتجتها والتي تحمل طابعها المعَبّر عن شخصيتها.. القومية العربية شخصية الأمة: وهنا يمكن الكلام عن الإسلام كأكبر حضارة حققها العرب وهو أصدق تعبير عن إرادة الخلود في نفوس العرب في تلك المرحلة الحاسمة من مراحل تطور الأمة العربية "وإنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المُنْذرين، بلسان عربيّ مبين" (سورة الشعراء "192- 195").. كما تم خلودها بالأديان السماوية الأخرى، حيث نزلت جميعها على الأرض العربية وشكّلت حضاراتها وتاريخها البشري والإنساني على أرض العرب.. وبهذا كان العرب على مدار تاريخهم أصحاب رسالة كأمة وليس كأقطار مجزأة فاقدة كل مقومات القوة، المادية والمعنوية.. ومنها، أي من تلك الحضارات، ومن ذلك التاريخ الطويل والعميق، بعمق تاريخ البشرية، تكتلت هذه الأمة من المحيط إلى الخليج حتى تشكّلَت شخصيتها بما حققته من انسجام في لغتها وحضاراتها وتاريخها، لتتبلور تلك الشخصية في شكلها القومي العربي.. وعلى مدار ذلك التاريخ احتفظت الأمة بقوتها متلازمة مع تكتلها القومي ووحدة شملها وأرضها.. ولأجل إضعافها جاءت مخططات تقسيمها، ومع التقسيم تم استهداف المرتكزات الأساسية في الأمة، بدءاً بتفتيت وحدتها الجغرافية، مروراً باقصاء حضاراتها، وانتهاء بإنكار تاريخها ولغتها وثقافتها.. في البداية، لم تنجح حملات الفرنجة العسكرية (الحروب الصليبية) في تفتيت وإضعاف هذه الأمة فتراجع العسكر بعد مائتي عام من القتال، لتبدأ حملات الفرنجة الاستشراقية مستهدفة عمق البلاد الثقافي والفكري، فتح ودرس المستشرقون كل زوايا الأرض العربية وعمقها الحضاري حتى فهموا ووثقوا واقتنعوا بإن قوة العرب في وحدتهم القومية، فبات الهدف سهلاً وهو تفتيت هذه الوحدة العربية وانهاء شخصيتهم القومية.. سايكس بيكو، والعصر الاستعماري الذهبي: فجاءت اتفاقية سايكس بيكو لتتوج عمل المستشرقين بفعل استعماري غربي يبدأ بتفعيل إضعاف هذه الأمة مع بدء اكتشاف أثمن الثروات الطبيعية في أرضها.. حينها كانت هذه الثروات من شأنها أن تحدد مصير النهضة الغربية التي وجدت في الحيوية الاستراتيجية للمنطقة وريداً يغذي عصرها الصناعي الذهبي، وتقدم حضارتها ونهضتها المعاصرة.. ولولا هذه الثروات التي صارت تُصَدّر للغرب بأرخص الأثمان إن لم يكن مجاناً في بداياتها، لولا هذه الثروات لما تمكّن الغرب من تحقيق أهدافه التنموية ونهضته الكبرى التي نشاهدها اليوم من دون أن نتمكّن من المشاركة فيها.. إذن كان إضعاف هذه الأمة هدفاً رئيسياً، وتقسيم الأرض أهم وسائله.. ولم يكن زرع كيان غربي غريب في أرض فلسطين عملاً عفوياً أو عبثياً بقدر ما كان وسيلة أساسية أخرى في استهداف الغرب للأمة العربية وإضعافها بالتقسيم.. بجانب أهداف أخرى تحققت بتنصيب الإدارات الاستعمارية على كل جزء من الأرض العربية من المحيط إلى الخليج، التي كانت تدير شئون هذه البلاد من خلال حكّام وحكومات نصبتها ضمن لعبة احتكار الحكم والإدارة وإبقاء الشعوب في جهلها وفقرها.. ولكن، على الرغم من كل ذلك، لم يدر في الحسبان أن تصل الأمور إلى ما وصلت عليه من ضعف وهوان شديدين في الأمة حتى يتم احتلال كبرى ثرواتها وحضاراتها وبلدانها.. لم يدر بالحسبان أن يأتي القرن الواحد والعشرين باحتلال أكبر قوة غربية لأثرى دولة عربية تحمل على أرضها مجمل تاريخ وحضارة العرب.. لم يدر بالحسبان أن تعيش هذه الأمة بعد قرن من الاستعمار عصر احتلال العراق وضرب عمق الأمة الحضاري والتاريخي والاقتصادي والاستراتيجي، وبدء العمل الجاد بإنهاء تاريخ هذا البلد وحضارته وقوميته وهويته.. فهل بينكم من كان يتوقع ما حدث في عام 2003 ميلادية؟؟.. ولا يزال العمل جارياً أمام أعين الشعب العربي ونظامه الرسمي، من دون أن يبادر شعب أو نظام واحد بالتحرك والفعل الجاد الحقيقي بتحدي هذا الاحتلال والتصدي له.. واليوم بعد كل هذا العمل الاحتلالي الفاحش وإرهابه المتوحش الذي تجلى بأبشع صوره في العراق بعد فلسطين، مما جعل منطقتنا تعيش ظروفاً لا ولم يمر بها أي إقليم أو شعب آخر في العالم، يا ترى أين يجب أن يكون موقع العرب ودورهم في ما يُدعى بعصر الحرية وحقوق الإنسان الذي نعيشه؟؟.. ولكن السؤال الأهم هو، هل كان لهذا الاحتلال أن يتحقق لو كان العرب يعيشون حالة الأمة بمقومات القوة القومية المتكتلة حول هويتها؟؟.. الجواب على هذا السؤال هو النفي بكل تأكيد.. إذ لم يكن ليحصل هذا الاحتلال لو كانت الأمة العربية كتلة واحدة متراصة حول قوميتها وهويتها، والشواهد العصرية على ذلك كثيرة، بدءاً من الكتلة الأوروبية وانتهاءاً بكتلة النمور الآسيوية.. إذن هذه الأمة لكي تستعيد عافيتها هي بحاجة ماسة للرجوع إلى حالة الكتلة التي كانت عليها عبر تاريخها، متمسكة بالهوية القومية.. هذه الهوية والشخصية القومية التي حاول الاستعمار العمل على إذابتهما بكل السبل على مدار قرن كامل.. فكيف يمكننا أن نتلمس الرجوع لها والالتفاف حولها؟؟.. في رأيي المتواضع، أعتقد إن أحد أهم سبل الرجوع الى حالة الكتلة العربية، هو البدء بتنمية الانتماء القومي على كامل الأرض العربية.. أما ونحن نعيش في عصر بات الإعلام سلاحاً للحرب والسلم، تُطوع به الكلمة والصورة لخدمة أهداف متعددة ومتنوعة في ميدان خدمة الإنسان وأمنه وتطوره، أو العكس، أعتقد بأن الإعلام يُعد آليتنا الرئيسية في تحقيق هدفنا بتنمية الإنتماء والولاء القومي.. ومن هنا ننتقل إلى عنوان محاضرتنا، وهو: دور الإعلام في تنمية الانتماء القومي: كان موضوع الغزو الثقافي الغربي لأمتنا من ضمن الاختلافات والإشكاليات الجوهرية في طروحات القوى والأحزاب السياسية العربية في فترة سبعينيات القرن الماضي.. وكنا في ذلك الوقت نعيش أجواء طلابية نشطة تزخر بهذه الحركات والأحزاب.. حيث كان القوميون يحذرون من خطر هذا الغزو الذي كان الإعلام وسيلته الأولى، وكانوا يتحدثون عنه بإسهاب في الندوات والمحاضرات خوفاً على الأمة وأجيالها، بينما أحزاب اليسار كانت تستهزئ بهذا النمط من التفكير المتخوف من غزو يُدعى بالثقافي على أمة أو قومية لم يؤمنوا بأهمية وجودها ضمن المعتقد الأممي الذي كانوا يمثلونه.. ولم يلتق الطرفان برؤية واحدة في هذا الموضوع، حتى بدأت الأمور تتجسد بشكل أكثر فجاجة مما كان متوقعاً.. نعم، كان الغزو الإعلامي - الثقافي الذي تعرضت له الأمة العربية، ولا تزال، فاعلاً بأعلى درجاته، إذ تمكّن من إيجاد واقع عربي أقل ما يقال عنه اليوم إنه واقع هش مفتت، غير متماسك، وفاقد لمقومات القوة.. هذا الواقع الجديد لا طابع له ولا سمة، لا هوية شرقية له ولا غربية، لا انتماء له ولا وطن، يتماهى فيه العرب بين حكومات مضطربة وشعوب مدجّنَة وبينهما هوة يتسع محيطها كل يوم، بين شارع متطرف دينياً ينادي بالرجوع الى حياة السلف وجيل يرى في الانحراف والفساد الأخلاقي مدنية وعصرنة، وبين أقلية متنفّذة بثرائها وسلطاتها وفسادها وغالبية متمرغة في الفقر والجهل والمرض، بين حملة شهادات عليا فاقدة القدرة على العطاء وطلاب علم وباحثين عن العمل بشهادات لا قيمة علمية لها.. وأخيراً بين دول عربية نفطية تعيش الثراء في مدن من ملح ودول عربية تبيع ديونها بحثاً عن مورد مالي تُسكت به شعوبها الجائعة.. هذا الواقع العربي الجديد هو نتاج تلوث السلوك الإنساني (الإعلام، النسق القيمي وهيمنة الإعلام، د. صباح ياسين/ مركز دراسات الوحدة العربية 2006) الذي تمكّن أن يحققه الغزو الإعلامي المنظم الذي تعرضت له الأمة لأكثر من نصف قرن، هذا التلوث الذي زرع بذور الاغتراب داخل الفرد وحصد منها الانكفاء والوحدانية بدلاً من سيادة روح الجماعة الإيجابية، فكان الناتج النهائي تنافر الدول العربية عن بعضها، على مستوى الشعوب والأنظمة، وتراجع القدرات الاقتصادية والعلمية والسياسية لجميع الدول العربية ورحيل ثرواتها إلى مصارف ودول تستمد من هذه الثروات قوة تدعم بطشها ضد أمتنا.. هذه هي الصورة السريالية التي تعيشها الأمة العربية منذ أكثر من أربعة عقود تدعى عصر ما بعد الاستعمار، كانت دولنا خلالها ساحات مفتوحة أمام الغزاة من دون مصدات أو دفاعات لمواجهة ذلك الغزو الإعلامي والاستعماري الأبشع عبر التاريخ.. وإن كنا نؤمن أن المقاومة والعمل العسكري، في مواقع معينة من الوطن، بات من ضرورات المواجهة ضد المحتلين لأرضنا إلا اننا نرى أيضاً إن دور الإعلام بات من ضروريات نجاح المواجهة والنصر، وخصوصاً لما له من أهمية في التعريف بمصالح الأمة والتعبير عن هويتها وإيجاد واقع عربي متماسك موحد قوي.. وأخيراً لدوره وأثره المتعاظم في إطار السياسة الدولية والكشف عن حقيقة وأهداف الاستراتيجيات السوداء التي تحاك ضد هذه الأمة. لهذا نرى ضرورة البدء بتقييم جاد لواقع حال الإعلام العربي وتعريف دوره وهويته.. وصولاً لما يمكن أن يقوم به هذا الإعلام من أدوار إيجابية حقيقية في تنمية الانتماء القومي والوعي المعاصر للفكر القومي وضروراته. في كتابه "الإعلام، النسق القيمي وهيمنة القوة" يقول الخبير الإعلامي الدكتور صباح ياسين "إن نوعية الحياة التي يعيشها البشر في القرن الواحد والعشرين، والمتسمة بقدر كبير من الإلتزام المتبادل للمصالح والقناعة بالعيش المشترك على هذا الكوكب، تفرض عوامل متنوعة تدخل في صنع المنظومة الإعلامية. لذلك لم يعد النظر إلى الإعلام باعتباره الإطار الذي يحقق حرية إبداء الرأي أو حق الحصول على المعرفة والمعلومة، بل تعدى ذلك إلى مسئولية الحفاظ على الحرية بكل أشكالها، سواء في حق الإرسال، أي إبداء الرأي، أو حق التواصل، أي حق الحصول على المعلومة والرأي ونقده والتعامل معه، وهي مهمة متداخلة بين مسئولية معبّرة عن مجمل حرية الفرد أو الأفراد (المجتمع) إلى جانب مهمة أخرى تتمثل في بناء الثقة لصياغة وتنمية البشرية على أفضل صورها".. فهل ياترى يملك الإعلام العربي هذا الدور في "بناء الثقة لصياغة وتنمية" الأمة العربية على أفضل صورها؟!.. هذا ما يجيب عنه واقع حال الإعلام العربي الذي هو انعكاس لواقع حال النظام الرسمي العربي.. هذا النظام الذي مازال متخبطاً في حالة الانقسام وعدم الثقة بالوضع الإقليمي والدولي المتدحرج حوله، وبذاته، ويعيش حالة ترقب وانتظار المجهول لأنه، فرادا وجماعة، لا يملك استراتيجيات أو خططاً يدير بها سياساته، ولاتزال أنظمتنا غير مقتنعة بأن قوتها تُستَمَد من تقاربها وتكتلها وتكاملها السياسي والاقتصادي والتنموي.. ومازالت، بل ربما زادت، حالة تربص هذه الأنظمة ببعضها بينما تحاول كل واحدة على حدة الاقتراب أكثر وأكثر للقوة الاستعمارية الأعظم في العالم.. كل هذا الذي له تفصيليات كثيرة على مستوى الأداء والأدوار والنتاج، كل هذا ينعكس بالتفصيل على دور الإعلام العربي، المجزأ، الفاقد للمقومات القومية ووضوح الهوية، والفاقد لخطط استراتيجية ذات أهداف وبيان مهمة خاصة به.. فما نملكه من إعلام رسمي وإعلام خاص، يدور في فلك الرسمي، هو ترديد ببغائي وتقليد غير محترف لنتاج الإعلام العالمي، أو الغربي بشكل أكثر دقة.. وفي النهاية تعكس الأنظمة نتاج دور هذا الإعلام كما يعكس الإعلام نتاج سياسات الأنظمة وأدوارها.. وبالمحصلة يعيش المواطن العربي في فلك الضياع الذي يزيده توتراً وقلقاً وتذمراً وانفصالاً عن هويته وانتمائه الوطني والقومي، وأكثر بعداً عن نظامه الرسمي، من دون أن يضع يديه على مواطن الخطأ والجراح العربية، فيزداد الشارع العربي سخطاً ورفضاً ويزداد نظامه عنفاً وقمعاً، ويبقى المتربص بهذه الأمة وثرواتها هو المستفيد الأكبر من هذا الواقع المستمر في التدهور.. إعلام المقاومة والمد القومي: إلا إن ما يشذ عن كل هذا الواقع الإعلامي والسياسي العربي السلبي في يومنا هذا هو إعلام المقاومة العربية.. وبالتحديد إعلام المقاومة العراقية الذي فرض ذاته وخطه وكلمته وصورته على مجمل الإعلام العربي والعالمي في وقت قياسي، رغم الجبروت الإعلامي الغربي الذي يمارس ضده التعتيم والتشويه بأقصى حدود إمكانياته وتقنياته واستراتيجياته.. وتنطلق المقاومة في أدائها الإعلامي هذا بحسب مبادئ انطلاق المقاومة ذاتها، هذه المبادئ التي ذكرها الخبير الإعلامي الدكتور صباح ياسين بكتابه المذكور إن "جبهة المقاومة هي الشعب، وهو مصدر إلهامها وحاضنة مشروعها الإنساني، ومن دون الاستناد إلى قاعدة شعبية واسعة يغدو العمل المقاوم مغامرة غير محسوبة وباهظة الثمن".. وفي هذا اقتبس الكاتب الدعوة التي أطلقها أنريكو ليستر، قائد الثورة الإسبانية في بداياتها، وجاء فيها: (لا يمكن لحركة المقاومة أن تعيش وتنتشر إلا إذا فهمها الناس وأيدوها، وإلا إذا شكلت جزءاً من معركة الناس ضد عدو مشترك).. لذلك يؤكد الكاتب "أن تتوجه المقاومة إلى الشعب لتعبئته، ليس في إطار العمل المسلح المباشر، بل للمساندة المعنوية والإعلامية".. وهكذا أضحى للمقاومة العراقية إعلامها الذي وصل للعالم في لُج الظلمات الذي فرضه المحتل عليها، وتمكنت المقاومة من أن تلم حولها الشعب العربي من المحيط للخليج ليعتبرها مقاومته التي يواجه بها أكبر قوة استعمارية متوحشة في العالم، بعد أن تمكّنت هذه المقاومة من تجميد الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، على الرغم من إن هناك قوى من النظام الرسمي العربي مازالت تدفع هذه الاستراتيجية الى الأمام بهدف تقرّبها وتعضيد تحالفها مع القوة الأمريكية الباطشة.. فياترى هل يمكننا أخذ العبرة من هذه التجربة الإعلامية الرائدة في منطقتنا لتحقيق هيكل إعلامي عربي قادر على تنمية الانتماء القومي حول المقاومة التي اتفق حولها العرب جميعاً؟!.. والسؤال الآخر هنا يقول: إنه في هذه البيئة الإعلامية العربية السائرة في ركب الأنظمة العربية، وبذيل الإعلام الاستعماري الغربي.. وفي هذه المرحلة التاريخية من حياة الأمة في مواجهتها لأقسى أنواع المخططات التفتيتية الطائفية والاثنية والثقافية التي جاءت مع استراتيجيات المستعمرين الجدد للشرق الأوسط الكبير والجديد.. وفي أجواء محيط عربي تشتعل فيه الصراعات الطائفية والاثنية في كل موقع بين شعوب ضائعة أو ضالة، ياترى أي إعلام يمكن أن ينجح إن لم يكن متمسكاً بإعلام وثقافة المقاومة التي تمثّل اليوم إعلام وثقافة القومية العربية، بل إعلام التكتل العربي الذي سينقذنا من هذا اليم العميق الذي تُبحر فيه الأمة في مرحلتها الحالية.. من المحيط إلى الخليج..؟؟ ومن هنا نتوجه بندائنا برفد هذا الإعلام المقاوم بمنابر إعلامية من خلال صحف قومية ومحطات إذاعية وتلفزة الفضائيات.. ورفد هذا الإعلام بأقلام قومية مخلصة تنظف وتكتسح الأقلام المستوردة والمدربة في الغرب على البث الدعائي ضد الأمة العربية وشخصيتها القومية.. إننا بحاجة ماسة الى استثمار المال العربي في بناء منظومة إعلامية متكاملة تنطق باللسان العربي المبين خارج إطار اللهجات المحلية التي كان تأسيسها في الإعلام يعد أحد أهم وسائل إنهاء شخصية الأمة وإقصاء الهوية القومية العربية المجتمعة حول اللغة الجامعة بين أبنائها وتاريخها وحضاراتها..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تدهور الإعلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجلة الفن :: المقالات :: المقالات :: ولكن 00 بقلم ا0 عبدالله كمال رئيس تحرير روز اليوسف-
انتقل الى: